الجمعة، 22 فبراير 2013

صلاة الحائض ..

 بسم الله الرحمن الرحيم نحمده و نصلي على رسوله الكريم

     المعروف عند جمهور المسلمين هو أن الحائض لا تصلي ولا تصوم ، فإن مرّت فترة حيضها وتطهّرت  قضت صيامها وسقطت صلاتها ، هذا ما تعارف عليه جمهور المسلمين قديما وحديثا ، إلا أنه في الزمن الأخير بعد ظهور المفكرين الأحرار ونشأت ما يسمى بأصحاب  النهج القرآني حيث بدأ رفض الحديث  والسنة والإعتماد كليا على ماورد في القرآن الكريم ، ومن بين الامور التي خالفوا فيها جمهور المسلمين برفضهم للسنة والحديث هو قولهم أنه لا يوجد نهي للحائض بعدم الصلاة  في القرآن الكريم وعليه بنوا فكرة تشعبت منها فتاوى بوجوب صلاة الحائض ..
مثلا يقول د. أحمد صبحي منصور :  الحيض لا يقطع الصلاة ولا شأن له بموضوع الصلاة أصلا. السياق القرآنى فى موضوع الحيض هو اعتزال النساء جنسيا وقت الحيض . عندما يحدث الحيض يكون مثل نواقض الوضوء ، أى تتطهر منه الانثى وتتوضأ وتصلى لكل فرض. وطالما لا يخرج منها الدم عند الصلاة وهى تصلى فصلاتها صحيحة.

الواضح من قول د. أحمد صبحي أن الآية  تحدثت عن اعتزال النساء جنسيا وقت الحيض ولم تتحدث عن أن الحيض يقطع الصلاة ،قال تعالى * وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ*البقرة .
وبالفعل الآية الكريمة تحدثت عن ذلك فعلا وسياقها واضح جدا ..

ولكن الأمر الذي لا ينتبه له هؤلاء في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى حكم أن  المرأة أثناء الحيض ليست طاهرة فقال *وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ..* فعلة عدم جماع المرأة في المحيض هي عدم طهارتها ، واشترط طهارتها مرتين من حيضها حتى تصلح للجماع .

- أما الطهارة الأولى فهي حين انقطاع دم الحيض عنها *حَتَّى يَطْهُرْنَ* أي أن المرأة في فترة الحيض غير طاهرة وتبدأ طهارتها بانقطاع دم الحيض تلقائيا عنها وانقضاء  تلك الفترة أي فترة المحيض الطبيعية ..
- ثم اشترط طهارة أخرى بأن تقوم المرأة بالتطهّر بنفسها اي ان تغتسل بالماء بعد طهرها من حيضها في قوله تعالى * فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ* ..

فالفرق بين *يَطْهُرْنَ* و* تَطَهَّرْنَ* واضح فالأولى  يَطْهُرْنَ أي من حيضهن تلقائيا بانقطاع الدم أما الثانية تَطَهَّرْنَ أي بتحكمهن وارادتهن فتطهرّن أنفسهن بالإغتسال 

 والمعلوم أنه في فترة الحيض يكون الدم ينزل بصورة مستمرة بدون توقف وبذلك لا ينطبق عليه لفظ "يَطْهُرْنَ "ما دام ينزل ، إنما يتحقق الطهر بانقطاع الدم ..

والمعلوم أنّ الطّهارة شرط أساسي في الصلاة 
قال تعالى * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * المائدة

الملاحظ من الآية الكريمة أن الجنابة توجب التطّهر (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) والتطهّر يكون بالماء /الإغتسال / كما هو واضح في قوله تعالى 
*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا *النساء

عندما نجمع النصوص نجد أن الصلاة باطلة دون طهروتطهّر ، ولأن الحيض من نواقض الطهارة ولا يتحقق الطهر إلا بانقطاع الدم بعدها يتم التطهّر منه اغتسالا فهو من مبطلات الصلاة ولا يجوز للحائض الصلاة مالم تطهروتتطهّر من ذلك ..  

وهكذا يتضح من خلال استقراء بعض الآيات الكريمة والتدبر فيها يتضح أن القرآن الكريم اشترط الطهارة لوجوب الصلاة ومادام الحيض ينقض الطهر فصلاة الحائض لا تجوز حتى تطهروتتطهّر من ذلك دون الرجوع إلى الاحاديث النبوية الموضحة في هذا الأمر ،فإن أضفنا الأحاديث إلى ذلك أصبح الكلام عن ضرورة ووجوب صلاة الحائض مجرد جدل عقيم وكلام مرسل للمعارضة والخلاف بلا دليل ..

والصلاة والسلام على رسولنا المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين 
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين 

الفقير إلى رحمة ربه 
 

Abide Mel ‏(أبو عماد الجزائري)


هناك تعليق واحد:

  1. جزاكم الله خيرا أخي الحبيب على هذا الرد اللطيف

    ردحذف